لعلّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يكون أول وأكبر المستفيدين من الحرب التي تعيشها أوكرانيا، جرّاء الاجتياح الروسي المدمّر لأراضيها ومنشآتها وبنياتها التحتية، حيث يستمتع الأخير بالتفاف شعبي وسياسي حول حكومته في ظل الأزمة التي قدمها الرئيس المنتهية ولايته، على أنها تهديد مباشر وخطير على القارة الأوروبية ككلّ وليس فقط لأوكرانيا.
هدى مشاشبي / ميديا ناو بلوس
قومية ماكرون ودفاعه المستميت عن أمن أوروبا، أكسبه حوالي 6 نقاط في استطلاعات الرأي في فرنسا، وتقفز نسبة التأييد له خلال الثلاث أسابيع الأخيرة إلى 30 % قبل أن تتراجع في آخر استطلاع لنوايا التصويت الصادر عن “إيفوب” مساء أمس الثلاثاء إلى 27%، مقابل غريمته زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان التي حصلت على 23% من الأصوات، بفارق 4 نقاط بين المرشحين الاثنين، فيما احتل مرشح اليسار جون لوك ميلانشون المركز الثالث بحصوله على 16% من الأصوات، ليأتي اليميني المتطرف إيريك زيمور في المركز الرابع بحصوله على 11% من الأصوات.
وفي الوقت الذي تسعى فيه مرشحة مارين لوبان في آخر محاولة لها لدخول قصر الإيليزيه، إلى تقليص الفارق مع المرشح الأكثر حظا للاحتفاظ بلقب ” رئيس الجمهورية الخامسة “، يعمل الأخير على استغلال ورقة الحرب الأوكرانية، والارتباط الوثيق لمارين لوبان بمحيط قائد العملية العسكرية المستمرة في أوكرانيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث أشار ماكرون خلال زيارته إلى بريتاني أمس الثلاثاء، إلى استقبال الرئيس بوتين لمرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان سنة 2017، وراح إلى أبعد من ذلك حين تطرق إلى الحديث عن الاستمرار في تسديد حزب لوبان لقرض روسي بقيمة 9 ملايين أورو استغلتها لوبان لتمويل حملتها الانتخابية لذات السنة.
ويظهر جليا سعي ماكرون للتجمل برداء القومية الأوروبية، وتغليب مصلحة القارة وجعلها منتهى اهتمامه عبر برنامجه الانتخابي الذي يعرضه بشكل متأخر جدا مرجعا ذلك إلى تحمله كرئيس دولة فاعلة في القارة الأوروبية مسؤولية إنهاء الصراع العسكري في الأراضي الأوكرانية، وفرض الحلول الديبلوماسية لحقن دماء المدنيين العزل، وحماية الاقتصاد الأوروبي والاستقرار عموما، على عكس مارين لوبان التي استنكرت حملة الانتقادات التي طالتها جراء موقفها من روسيا، حيث أكدت أنها تغلّب المصلحة العليا لفرنسا فتقول : ” لن يتم محو روسيا من الخريطة”، معتبرة أن موسكو ستكون دائما ذات دور في المسرح العالمي.
مارين لوبان وبالرغم من ضعف موقفها أمام الغضب الأوروبي الكبير تجاه روسيا، إلا أنها لا تتوانى في استغلال نقاط ضعف إيمانويل ماكرون لردّ هجومه، وإرجاع قذائف النار إلى ملعبه، بتركيزها على الانشغال الرئيسي للفرنسيين بعد إعلان ماكرون عن نيته في رفع سن التقاعد إلى 65 سنة، وما تبعه من ردود فعل تحاول زعيمة اليمين المتطرف تغذيتها لتقليص المسافة أكثر من منافسها في محاولة لرد الاعتبار بعد خسارتها بفارق ضئيل أمام إيمانويل ماكرون خلال رئاسيات 2017..
برأيك هل ستشهد فرنسا نفس سيناريو الانتخابات السابقة بمرور كل من ماكرون ولوبان إلى الدور الثاني ؟ هذا ما ستثبته نتائج الجولة الأولى المقررة في 10 أفريل المقبل.